في انتظار برنامج وطني «شامل» للكشف المبكر عن المرض عند النساء
.. سرطان الثدي يشكل 36 في المئة من مجموع الأورام الخبيثة التي تنخر أجساد المغاربة
شاءت الصدف أن يكون هذا الشهر هو الآخر ورديا، أخذا بعين الاعتبار أننا حين يصل إلى مسامعنا هذا اللون/التسمية، فإننا -وبشكل تلقائي- نستحضر وزير صحتنا، وإن كان هناك بون شاسع بين وقع كلّ منهما، فهذا الشهر هو مناسبة عالمية لمباشرة حملات تحسيسية وتوعوية حول مرض سرطان الثدي، الذي يتم الرمز إليه باللون الوردي، للوقوف على تطور المرض وواقع نسبه، والتأكيد على ضرورة الوقاية من تداعياته الممكنة من خلال الكشف المبكر الذي يجنب النساء عواقب وخيمة قد تصل إلى حدّ الوفاة، لكن الحملات الوردية هاته قد تكون اكتسحت العالم كله إلا بلادنا، فباستثناء حفل العشاء الخيري الذي ترأسته الأميرة للاسلمى مطلع الشهر الجاري، رئيسة مؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان، التي فتحت بابا واسعا للأمل بالنسبة للمريضات، وتترك بصمات قوية في هذا الباب، تخليدا للذكرى العاشرة لتأسيس هذه المؤسسة، تحت شعار «التضامن والعطاء»، من أجل جمع تبرعات لبناء مركز للأنكولوجيا ببني ملال، إضافة إلى بناء مركز جهوي للأنكولوجيا بالعيون، فإن وزارة البروفيسور الوردي لم تقدم على أي خطوة في هذا الباب ونحن على مشارف انتهاء شهر التواصل الوردي، ولم تشر لهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد على موقعها الرسمي، شأنها في ذلك شأن الموقع الرسمي لمؤسسة للاسلمى الذي يحتاج بدوره إلى كشف مبكر عن سرّ تخلّفه عن مواكبة ركب التحسيس بهذا الداء؟
سرطان الثدي، وهو شكل من أشكال الأمراض السرطانية التي تصيب أنسجة الثدي، وعادة ما يظهر في قنوات الأنابيب التي تحمل الحليب إلى الحلمة وغدد الحليب، يمثل تهديدا حقيقيا للصحة العمومية عبر العالم، فهو يعتبر ثاني مسبب للوفيات وأول سرطان يصيب النساء عبر العالم، بحيث يصيب امرأة من بين كل ثمان نساء، ويؤدي إلى وفاة واحدة من كل أربع عشرة امرأة، وهو داء يستهدف المتقدمات في السن، خاصةً سن 65 وما فوق. وعلى الرغم من كونه قد يؤدي إلى الوفاة في العديد من الحالات، إلا أن الاكتشاف المبكر يسهل معالجته والشفاء منه.
الأرقام عن المرض في المغرب هي تقريبية، والتي تتحدث عن تسجيل حوالي 115 حالة جديدة سنويا لكل 100 ألف نسمة، والعهدة في ذلك على سجلّين اثنين لا ثالث لهما، بكل من الدارالبيضاء والرباط، وإن كانا غير محصورين في المستشفى الجامعي ابن رشد وابن سينا، لكونهما يشملان كل المؤسسات الاستشفائية والمصحات الخاصة ومختبرات التشريح التي يصل عددها إلى 15 مختبرا بالبيضاء، وبالتالي فهما المؤشران على وضعية السرطانات في المغرب وضمنها سرطان الثدي الذي يشكل 36 في المئة من مجموع الأورام الخبيثة التي تنخر أجساد المغاربة، والذين يقدر عددهم بحوالي 40 ألف مريض، ينضاف إلى رصيدهم قرابة 4 آلاف معتل معلوم كل سنة، أما المرضى المجهولون المنتشرون في بقاع المملكة الغابرة، حيث تغيب البنيات التحتية، وتنتفي كل أسباب الولوج إلى العلاج، فالعدد أعظم، يحتاج إلى كثير من التنقيب، ما دام هناك مصابون بالسرطان يرحلون في غفلة منا جميعا!
مريضات تتفاوت درجات خطورة المرض بينهن. فإذا كانت بعض النساء تكفيهن فترة 6 أشهر ممدة علاجية، فإن أخريات قد يجدن أنفسهن مطالبات بمتابعة العلاج لمدة سنة وفقا لوضعية المرض والحالة التي وصل إليها الداء، إذ أن من بين المريضات من هن مطالبات بالخضوع لحقنة كل 21 يوما على مدار السنة والتي تصل كلفتها الإجمالية إلى 40 مليون سنتيم، على اعتبار أن الحقنة الواحدة تكلف 20 ألف درهم، ولولا جمعية للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان لقضت كثير من المغربيات اللواتي يعانين الفقر والهشاشة وينخر هذا النوع من السرطان أثداءهن.
الحديث عن سرطان الثدي لكون المناسبة هي شرط، تدفعنا للوقوف عند نقطة الكشف والتشخيص المبكرين، اللذين يختلفان شكلا ومضمونا، لأنه وعلى الرغم من كل المجهودات، وهي ليست بالهينة، وتقييمها هنا ليس بدافع تبخيسي وإنما من أجل منحها دفعة قوية أخرى أكثر أثرا وأشمل وقعا، هذه المجهودات لاتتجاوز خانة التشخيص، الذي لايعني بالضرورة الكشف المبكر عن وجود الورم الخبيث في ثدي هذه السيدة أو تلك، إذ قد يتم ضبطه بالفعل وهو في مرحلة متقدمة، فيتطلب علاجه ثقلا ماديا ومعنويا، والحال أن الكشف المبكر يكون بشكل منتظم وقبلي، ويمكّن من تحديد المرض في بداياته الأولى وهو ما ينتج عنه علاج بمردودية عالية وأخفّ وقعا. وعليه، فإنه يستحيل اليوم وفي ظل هذا الواقع الحديث عن كشف مبكر عن سرطان الثدي في المغرب كما هو معمول به في الدول المتقدمة، لأن الأمر يتطلب عددا كبيرا من الأطباء المتخصصين في «الراديولوجي»، وكمّا كبيرا من أجهزة «الماموغرافي»، الأمر الذي يعتبر مطمحا صعب التحقيق، لهذا يتم الاعتماد في حدّ أدنى وكخطوة تظل غير هينة بالنظر إلى وضعنا المادي على التشخيص المبكر، وذلك على مستوى 24 مركزا للكشف المبكر، ضمنها 5 بالدار البيضاء، إضافة إلى ست وحدات متنقلة، فيما يوجد 13 مركزا آخر في طور الإعداد، في أفق تحقيق طموح «وردي» يتمثل في تغطية شاملة في 2019.
خطوات الأمل هاته تتطلب موارد مالية ضخمة، وتعبئة مجتمعية، يجب أن يوازيها كذلك وبالضرورة تسهيل الولوج إلى العلاج لكافة المواطنين والمواطنات في كل ربوع المملكة، مع ضرورة توفر سجل وطني للسرطان، لأنه يصعب على أي دولة أن تضع برنامجا علاجيا ومخططا وطنيا للتعامل مع هذا الداء في غياب أرقام مضبوطة عن تطوره، والحال أننا في حاجة ملحّة لبرنامج وطني لفائدة نسائنا للكشف المبكر عن سرطان الثدي ومعه سرطان عنق الرحم باعتبارهما يشكلان 50 في المئة من أنواع السرطانات عند المرأة.
المصدر : الاتحاد الاشتراكي
شاءت الصدف أن يكون هذا الشهر هو الآخر ورديا، أخذا بعين الاعتبار أننا حين يصل إلى مسامعنا هذا اللون/التسمية، فإننا -وبشكل تلقائي- نستحضر وزير صحتنا، وإن كان هناك بون شاسع بين وقع كلّ منهما، فهذا الشهر هو مناسبة عالمية لمباشرة حملات تحسيسية وتوعوية حول مرض سرطان الثدي، الذي يتم الرمز إليه باللون الوردي، للوقوف على تطور المرض وواقع نسبه، والتأكيد على ضرورة الوقاية من تداعياته الممكنة من خلال الكشف المبكر الذي يجنب النساء عواقب وخيمة قد تصل إلى حدّ الوفاة، لكن الحملات الوردية هاته قد تكون اكتسحت العالم كله إلا بلادنا، فباستثناء حفل العشاء الخيري الذي ترأسته الأميرة للاسلمى مطلع الشهر الجاري، رئيسة مؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان، التي فتحت بابا واسعا للأمل بالنسبة للمريضات، وتترك بصمات قوية في هذا الباب، تخليدا للذكرى العاشرة لتأسيس هذه المؤسسة، تحت شعار «التضامن والعطاء»، من أجل جمع تبرعات لبناء مركز للأنكولوجيا ببني ملال، إضافة إلى بناء مركز جهوي للأنكولوجيا بالعيون، فإن وزارة البروفيسور الوردي لم تقدم على أي خطوة في هذا الباب ونحن على مشارف انتهاء شهر التواصل الوردي، ولم تشر لهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد على موقعها الرسمي، شأنها في ذلك شأن الموقع الرسمي لمؤسسة للاسلمى الذي يحتاج بدوره إلى كشف مبكر عن سرّ تخلّفه عن مواكبة ركب التحسيس بهذا الداء؟
سرطان الثدي، وهو شكل من أشكال الأمراض السرطانية التي تصيب أنسجة الثدي، وعادة ما يظهر في قنوات الأنابيب التي تحمل الحليب إلى الحلمة وغدد الحليب، يمثل تهديدا حقيقيا للصحة العمومية عبر العالم، فهو يعتبر ثاني مسبب للوفيات وأول سرطان يصيب النساء عبر العالم، بحيث يصيب امرأة من بين كل ثمان نساء، ويؤدي إلى وفاة واحدة من كل أربع عشرة امرأة، وهو داء يستهدف المتقدمات في السن، خاصةً سن 65 وما فوق. وعلى الرغم من كونه قد يؤدي إلى الوفاة في العديد من الحالات، إلا أن الاكتشاف المبكر يسهل معالجته والشفاء منه.
الأرقام عن المرض في المغرب هي تقريبية، والتي تتحدث عن تسجيل حوالي 115 حالة جديدة سنويا لكل 100 ألف نسمة، والعهدة في ذلك على سجلّين اثنين لا ثالث لهما، بكل من الدارالبيضاء والرباط، وإن كانا غير محصورين في المستشفى الجامعي ابن رشد وابن سينا، لكونهما يشملان كل المؤسسات الاستشفائية والمصحات الخاصة ومختبرات التشريح التي يصل عددها إلى 15 مختبرا بالبيضاء، وبالتالي فهما المؤشران على وضعية السرطانات في المغرب وضمنها سرطان الثدي الذي يشكل 36 في المئة من مجموع الأورام الخبيثة التي تنخر أجساد المغاربة، والذين يقدر عددهم بحوالي 40 ألف مريض، ينضاف إلى رصيدهم قرابة 4 آلاف معتل معلوم كل سنة، أما المرضى المجهولون المنتشرون في بقاع المملكة الغابرة، حيث تغيب البنيات التحتية، وتنتفي كل أسباب الولوج إلى العلاج، فالعدد أعظم، يحتاج إلى كثير من التنقيب، ما دام هناك مصابون بالسرطان يرحلون في غفلة منا جميعا!
مريضات تتفاوت درجات خطورة المرض بينهن. فإذا كانت بعض النساء تكفيهن فترة 6 أشهر ممدة علاجية، فإن أخريات قد يجدن أنفسهن مطالبات بمتابعة العلاج لمدة سنة وفقا لوضعية المرض والحالة التي وصل إليها الداء، إذ أن من بين المريضات من هن مطالبات بالخضوع لحقنة كل 21 يوما على مدار السنة والتي تصل كلفتها الإجمالية إلى 40 مليون سنتيم، على اعتبار أن الحقنة الواحدة تكلف 20 ألف درهم، ولولا جمعية للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان لقضت كثير من المغربيات اللواتي يعانين الفقر والهشاشة وينخر هذا النوع من السرطان أثداءهن.
الحديث عن سرطان الثدي لكون المناسبة هي شرط، تدفعنا للوقوف عند نقطة الكشف والتشخيص المبكرين، اللذين يختلفان شكلا ومضمونا، لأنه وعلى الرغم من كل المجهودات، وهي ليست بالهينة، وتقييمها هنا ليس بدافع تبخيسي وإنما من أجل منحها دفعة قوية أخرى أكثر أثرا وأشمل وقعا، هذه المجهودات لاتتجاوز خانة التشخيص، الذي لايعني بالضرورة الكشف المبكر عن وجود الورم الخبيث في ثدي هذه السيدة أو تلك، إذ قد يتم ضبطه بالفعل وهو في مرحلة متقدمة، فيتطلب علاجه ثقلا ماديا ومعنويا، والحال أن الكشف المبكر يكون بشكل منتظم وقبلي، ويمكّن من تحديد المرض في بداياته الأولى وهو ما ينتج عنه علاج بمردودية عالية وأخفّ وقعا. وعليه، فإنه يستحيل اليوم وفي ظل هذا الواقع الحديث عن كشف مبكر عن سرطان الثدي في المغرب كما هو معمول به في الدول المتقدمة، لأن الأمر يتطلب عددا كبيرا من الأطباء المتخصصين في «الراديولوجي»، وكمّا كبيرا من أجهزة «الماموغرافي»، الأمر الذي يعتبر مطمحا صعب التحقيق، لهذا يتم الاعتماد في حدّ أدنى وكخطوة تظل غير هينة بالنظر إلى وضعنا المادي على التشخيص المبكر، وذلك على مستوى 24 مركزا للكشف المبكر، ضمنها 5 بالدار البيضاء، إضافة إلى ست وحدات متنقلة، فيما يوجد 13 مركزا آخر في طور الإعداد، في أفق تحقيق طموح «وردي» يتمثل في تغطية شاملة في 2019.
خطوات الأمل هاته تتطلب موارد مالية ضخمة، وتعبئة مجتمعية، يجب أن يوازيها كذلك وبالضرورة تسهيل الولوج إلى العلاج لكافة المواطنين والمواطنات في كل ربوع المملكة، مع ضرورة توفر سجل وطني للسرطان، لأنه يصعب على أي دولة أن تضع برنامجا علاجيا ومخططا وطنيا للتعامل مع هذا الداء في غياب أرقام مضبوطة عن تطوره، والحال أننا في حاجة ملحّة لبرنامج وطني لفائدة نسائنا للكشف المبكر عن سرطان الثدي ومعه سرطان عنق الرحم باعتبارهما يشكلان 50 في المئة من أنواع السرطانات عند المرأة.
المصدر : الاتحاد الاشتراكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نشكرك على زيارتك!
نأمل في رؤيتك مجددًا في أقرب وقت.